دور المرأة في واقعة الطف

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم

دور المرأة في واقعة الطف

(المراة نصف المجتمع وفي أحضانها يتربى النصف الآخر)..

انطلاقا من هذه المقوله الصادقة عن الأمام الخميني (قده) لنؤمن انه لآبد أن يكون في كل زمن دور للنساء كما يكون ذلك للرجال وربما يكون دور المرأة اكبر بكثير من دور الرجل إذ هناك كثير من النساء يؤدينّ دورهنّ بإخلاص بينما نجد في جانب آخر رجال متقاعسين عن مسؤوليتهم في حياتهم الأسرية فكيف في حياتهم العقائدية والسياسية ؟! وما أريد التحدث عنه هو دور المرأة في واقعة الطف تلك الواقعة التي قيضت صرح الظالمين ،والتي لها في كل زمن صدى يخافه الجبابرة ويستلهم منه الصالحين العبرة .فالمرأة قد شاركت في واقعة ألطف ووقفت موقفا تحيرت له الألباب وقد أكملت المسيرة الحسينية على أحسن وجه وكما قيل لولا دور الحوراء زينب (عليها السلام) والنساء الصالحات في واقعة الطف لما بقي لثورة الحسين (عليه السلام) أثر ولنقرأ معا ومضات من بطولةالمرأة في واقعة الطف عسى أن تكون حكمة للقلوب درسا في حياة المرأة المسلمة في جميع مجالاتها الدينية والسياسية والاجتماعية

أميرة الثائرات
السيدة زينب (عليها السلام)….أميرة الثائرات وبطلة الموقف الذي هزّ عروش الطغاة وما زال الصوت الذي خرق حجب قصور الجبابرة يرنُّ صداه هذا ولم يكن لها (عليها السلام) موقفا واحدا" أو موقفين بل كانت لها مواقف ومواقف, متعددة منها :

من ذلك:

1- المحافظة على البقية الصالحة :
وهو دور المحافظة على البقية الصالحة لاهل بيت النبوة وانصارهم وشيعتهم وذلك لاهمية هذه البقية التي يعبر عنها الامام علي (عليه السلام) بكلمته المعروفة اذ يقول فيها: ( بقية السيف انمى). أي ما يبقى من فكر السبط يكون اكثر نمواً وأثراً من نتائج المعركة. وهنا نجد أن العقيلة (عليها السلام) تمكنت من ان تقوم بدور عظيم في الثورة الحسينية وذلك من خلال المحافظة على حياة الامام زين العابدين(عليه السلام), والذي يمثل بقية النبوة, وبيت الوحي والرسالة, ويمثل الامتداد للإمامة, وكان لها (عليها السلام) موقفان معروفان في أرض كربلاء الموقف الأول في الشام وخطبتها الصاعقة هناك والأخر في الكوفة عند دخولها على عبيد الله بن زياد (لع) ولا حاجة لذكر تفاصيل القصة لتواترها . فلو لم يكن ذلك الدور للعقيلة (عليها السلام)الى جانب الدور العظيم للامام السجاد(عليه السلام) لما بقي لأهل البيت ذكر وأثر وهنا ينطبق كلام أمير المؤمنين (عليه السلام) عن بقية السيف , فعندما ينظر الأنسان الى مشهد أهل البيت (عليهم السلام) يوم عاشوراء سنة 61 ه بعد مقتل الحسين (عليه السلام) وأهل بيته (عليهم السلام) , يرى وكأنه لم يبق لهم أثر أو وجود , لأن الشعار الذي رفعه عمر بن سعد وجلاوزته , هو : ( أن لاتبقوا لأهل هذا البيت من باقية ) .

2 _ الدور الأعلامي :
وقد كان للمرأة دور عظيم أخر في المجال الأعلامي , ولاسيما أميرة الثائرات مولاتنا زينب (عليها السلام) , اذ تحملت بشكل رئيس المسؤولية الكاملة في هذا المجال ففي يوم عاشوراء وبعد شهادة أخيها الحسين (عليه السلام) والطيبين من أنصارة كان لها حديث مع جيش الكفر والضلالة فقد أثار كلامها (عليها السلام) هذا القلوب القاسية , الذي عبر عن تأثيرها العاطفي بالبكاء . فهي (عليها السلام) أبكت بخطاباتها العدو والصديق من ناحية, ومن ناحية أخرى أحيت الضمائر الميتة ولقنت العدو درسا" بليغا" بأن النصر للمظلومين والخذلان للظالمين .

ولم تدخل (عليها السلام) أرضا" حتى خطبت خطابا" , أو تكلمت بكلاما" فقبلت الامر على الولاة الظالمين ومن اشهر خطاباتها تلك التي تركت في النفوس أثرا" بالغا" في قصر الامارة في الكوفة وقصر يزيد في الشام .

وقد تأثر الكثير الكثير بدورها الأعلامي مما جعلت الناس يعرفون الحق وينكرون الباطل ومن قولها (عليها السلام) ليزيد بن معاوية (لع) :

( ألا فالعجب كل العجب لقتل حزب لله النجباء بحزب الشيطان الطلقاء فهذي الأيدي تنضح من دمائنا , والأفواه تتحلب من لحومنا , وتلك الجثث الطواهر الزواكي تنتابها امهات الفراعل, ولئن اتخذتنا مغنماً لتجدنا وشيكاً مغرماً , حين لاتجد الا ماقدمت يداك, وماربك بظلام للعبيد..).

وما ذكرت من هذه المواقف البطولية الخالدة ما هو الا غيض من فيض تلك البطولات الزينبية ....ولنعم ماقيل في موقفها بمساندة الامام الحسين (عليه السلام):

تشاطرت هي والحسين بنهضة حكم القضاء عليهما ان يندبا

هذا بمشتبك النصول وهذه في حيث معترك المكاره في السبا

وبهذه المرأة المجاهدة فلتقدي نساء ولتهتدي أمَمْ ....

فقد سطرت (عليها السلام) مع من واكبن نهضتها اروع مواقف البطولة والثبات التي يعجز الكثير من العلماء الافذاذ عن الاتيان بمثل موقفها الشجاع ونستطيع القول: لو لم يبلغ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بيوم الغدير بولاية وصيه علي بن أبي طالب (عليه السلام) لما بلغ رسالة الله تعالى : ( يا ايها الرسول بلغ بما انزل اليك من ربك ولو لم تبلغ فما بلغت رسالته) كذلك الحوراء زينب (عليها السلام) بهذه المسؤولية الكبيرة لو لم تبلغ رسالة الحسين (عليه السلام) من هدفه وظليمته لم تكتمل المسيرة الحسينية وقد عصمها الله تبارك اسمه من الناس لقوله تعالى والله يعصمك من الناس) واكملت المسيرة بنجاح لم يكن له نظير نجاحٍ أبهر العقول وزلزل عروش الطغاة, فسلام على تلك المجاهدة بالصبر لا بالبيض والسمر, يوم ولدت ويوم جاهدت في سبيل الله ويوم استشهدت ويوم تبعث حية يسعى نورها بين يديها وبيمينها وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم).